الموضوع مأخوذ من كتاب
الفوائد البديعية فى فَضَائِلِ الصَّحَابَةَ وَذَمِّ الشَّيعَةِ.
دكتور . أحمد فريد
من هو الصحابى ؟
الصحبة فى اللغة : يتحقق مدلولها فى شخصين بينهما مرلابسة ما ، كثيرة أو قليلة ، حقيقية أو مجازاً ، قال الله تعالى : فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ [ الكهف : 34 ].
ولو صحب الإنسان رجلاً ساعة من نهار، أو لازمه فى بعض أسفاره لدخل فى ذلك؛ لأنه يصدق أن يقال: صحبت فلاناً فى سفرى ساعة من النهار.
وتوسع فى إطلاق الصحبة بين العقلاء والجمادات، ومنه تسمية عبد الله بن مسعود صاحب السلوك والنعلين والوسادة( ).
أما فى الاصطلاح فقد قال ابن حجر رحمه الله( ) :
" وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابى من لقى النبى مؤمنا به، ومات على الإسلام، فيدخل فى من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لَم يرو، ومن لَمْ يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك، إذا لَمْ يجتمع به مرة أخرى، وقولنا "به" يخرج من لقيه مؤمناً بغيره، كمن لقيه من مؤمنى أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وىمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه، ويدخل فى قوله "مؤمنًا به" كل مكلف من الجن والإنس، وخرج بقوله "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد ومات على ردته – والعياذ بالله – ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد". اهـ.
وروى عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد فى الصحابة إلا من أقام مع النبى سنة فصاعداً ، أو غزا معه غزوة فصاعدا( ) والعمل على خلاف هذا القول لأنهم اتفقوا على عد جمع جم منم الصحابة ، لم يجتمعوا بالنبى إلا فى حجة الوداع.
واشترط بعضهم ان يكون حين لجتماعه به بالغاً، وهو مردود أيضاً لأنه يخرج مثل الحسن بن على ونحوه من أحداث الصحابة.
واشترط بعضهم فى الرائى أن يكون بحيث يميز ما يرى، قال ابن حجر محل نظر، وعمل من صنف فى الصحابة يدل على أنه يكتفى بمجرد حصول الرؤية، فإنهم ذكروا مُحمَّد بن أبى بكر وإنما ولد قبل وفاة النبى بثلاثة أشهر وأيام( ).
وقال البخارى فى صحيحه: ومن صحب النبى أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه( ).
وقال على بن المدينى: من صحب النبى أو رآه ولو ساعة من نَهاره، فهو من أصحا بالنبى .
وقال ابن حزم رحمه الله : أما الصحابة فهو كل من جالس النبى ولو ساعة، وسمع منه ولو لكلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه ولَمْ يكن من المنافقين الذين اتصل تفاقهم واشتهر حتى ماتوا على ذلك، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه، كهيت المخنث ومن جرى مجراه فمن كان كمن وصفنا أولاً فهو صاحب.
وكلهم عد لإمام فاضل رضين فُرَضَ علينا توقيرهم وتعظيمهم وأن نستغفر لهم ونُحبهم وتمرة يتصدق بها أحدهم أفضل من صدقة أحدنا دهره كله، سواء كان من ذكرنا على عهده عليه السلام صغيراً أو بالغًا فقد كان النعمان بن بشير وعبد الله ابن الزبير والحسن والحسين ابنا على أجمعين من أبناء العشرة فأقل إذ مات النبى ( ).
عدة الصحابة :
توفى رسول الله وقد دخل فى الناس فى دين الله أفواجاً كما بشره الله عز وجل بقوله : إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا [النصر : 1، 2].
وقال كعب بن مالك فى قصة توبة اله عليه: "والمسلمون كثير لا يجمعهم كتاب حافظ"( ).
ونقل الشافعى أن النبى قبض والمسلمون ستون ألفاً : ثلاثنون ألفًا بالمدينة وثلاثون ألفا فى قبائل العرب غيرها.
قال الدكتور فاروق حمادة: وعلى آية حا لفعددهم كبير جداً ، إلا ان الذين وصلتنا أسماؤهم مع أن بعضهم اختلف فى صحبته لا تصل إلى معشار هذه المقدار كما يقول الحافظ ابن حجر فى الإصابة، وابن حجر قد جمع فى كتابه هذا جل الكتب المتقدمة التى ترجمت للصحابة مع المختلف فيهم أو الذين قيل فيهم شخصان وهم شخص واحد، فبلغ عددهم رجالاً ونساء اثنى عشر ألفاً ومائتين وسبعًا وتسعين نفساً.
ثم إن الرواة للحديث عن رسول الله يصلون إلى عشر هذا المقدار أو يزيدون قليلاً، قال الحاكم: الرواة عن النبى أربعة آلاف ، وتعقبه الذهبى بأنهم لا يصلون إلى ألفين، بل هم ألف وخمسمائة( ).
وقال ابن كثير: الذين روى عنهم احمد فى مسنده تسعمائة وثمانون نفساً، ووقع فى الكتب الستة من الزيادات على ذلك قريب من ثلاثمائة صحابى( ).
كيف يعرف الصحابى بأنه صحابى ؟
تعرف صحبة الصحابى بعدة طرق :
1- التواتر الذى يقطع به لكثرة الناقلين كأبى بكر وعمر وبقية العشرة.
2- الاستفاضة أو الاشتهار أن فلاناً من الصحابة، كعكاشة بن محصن وضمام بن ثعلبة.
3- شهادة صاحب معلوم الصحبة بالتصريح، كما شهدا أبو موسى الأشعرى لحممة الدوسى بالصحبة.
4- ويعرف بقول تابعى ثقة أن فلاناً صاحبى.
5- أن يخبر عن نفسه بأنه صحابى بشرط ان يكون معلوم العدالة كما جزم به الآمدى وآخرون وأن يكون معاصراً للنبى وقد انتهى معاصروا النبى بمضى مائة وعشر سنين من هجراته صلوات الله وسلامه عليه لقوله : " أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يقى على وجه الأرض ممن عو اليوم عليها أحد"( ).
وقد ذكر القرآن صحابياً ألا وهو زيد بن حارثة وأضمر صحابياً آخر ألا وهو أبو بكر الصديق بقوله تعالى : إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا [التوبة : 40].
وإذا ثبت لرجل أو لامرأة الصحبة فلا يمكن أن يخرج من حظيرتهم ولا يقبل لمزة بالنفاق إلا بإسناد صحيح كذلك، ولهذا لم نقبل قول من قال: إن ثعلبة بن حاطب الأنصارى – وهو من البدريين – هو المقصود بقوله تعالى : وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة : 75].
وهذه القصة لا تصح سنداً ولا متناً ، اما سنداً فهى من طريق معان بن رفاعة عن على بن يزيد، وكلاهما لا يصح حديثهما.
وأما متنا فالنبى قرر أن مانع الزكاة تؤخذ منه قسراً ،وحارب أبو بكر الصديق مانعى الزكاة، فكيف يرفض أخذها رسول الله وأبو بكر وعمر؟
طبقات الصحابة :
الطبقة الأولى: قوم أسلموا بمكة مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم.
الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، وذلك أن عمر بن الخطاب لما أسلم وأظهر إسلامه، حمل رسول الله إلى دار الندوة، فبايعه جماعة من أهل مكة.
الطبقة الثالثة: المهاجرة إلى الحبشة.
الطبقة الرابعة : الذين بايعوا النبى عند عقبة يقال فلان عَقبى.
الطبقة الخامسة: أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.
الطبقة السادسة: أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله بقباء، قبل أن يدخلوا المدينة ويبنى المسجد.
الطبقة السابعة: أهل بدر الذين قال رسول الله فيهم : "لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" .
الطبقة الثامنة: المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية( ).
الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح : 18].
الطبقة العاشرة: المهاجرة إلى الحديبية والفتح، منهم خالد بن الوليد وعمرو ابن العاص وأبو هريرة وغيرهم.
الطبقة الحادية عشرة: فهم الذين أسلموا يوم الفتح، وهم جماعة من قريش.
الطبقة الثانية عشرة: صبيان وأطفال رأو رسول الله يوم الفتح وفى حجة الوداع وغيرها، وعدادهم فى الصحابة منهم السائب بن يزيد، وعبد الله بن ثعلبة بن أبى صغير ومنهم أبو الطفيل عامر بن واثلة، وأبو جُحيفة وهب بن عبد الله( ).